دبلوماسية الفلاحة.. هكذا قرَّبت الأزمة الروسية الأوكرانية بين المغرب والبرازيل لسد خصاص القمح والأسمدة والأعلاف
بدأت تتضح معالم تحالف مغربي برازيلي في المجال الفلاحي خلال الأسابيع الماضية، في إطار مسلسل من التعاون بين البلدين يُغذيه التقارب السياسي الذي بدا واضحا في ظل حكم المحافظين للجمهورية الأمريكو لاتينية، حيث أعلنت برازيليا عن قائمة الدول العربية التي لجأت إليها لاستيراد القمح خلال الثلث الأول من العام والمتزامن مع الأزمة التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية، وكانت المملكة من بين تلك الدول وذلك بعد أيام من دخول الرباط على خط إنهاء خصاص الأسمدة التي تعاني منه البرازيل.
وأعلنت غرفة التجارة العربية البرازيلية أن البرازيل ضاعفت صادراتها من القمح 4 مرات للبلدان العربية وأن الحصة الأكبر ذهب لدول السعودية ومصر والسودان والمغرب، مبرزة أن الرباط تحديدا استوردت 360 ألف طن من هذه المادة خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2022، أي بارتفاع بلغت نسبته 632 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2021، وهي الخطوة التي تأتي في وقت أعلنت فيه الحكومة المغربية أنها كانت لجأت إلى دول أخرى لتفادي خصاص السوق في ظل أزمة روسيا وأوكرانيا.
ووفق تلك الأرقام، فإن المغرب هو ثاني دولة عربية من حيث حجم واردات القمح من البرازيل، بعد السعودية التي جلبت 505 آلاف طن بارتفاع بلغ 258 في المائة، في حين أكد تامر منصور، الأمين العام والمدير التنفيذي لغرفة التجارة العربية البرازيلية، أن هذا الأمر يرتبط بتعويض الخصاص الذي خلفه توقف صادرات أوكرانيا من القمح، علما أن البرازيل جنت 311 مليون دولار من تصدير القمح للمنطقة العربية مستفيدة من ارتفاع السعر بنسبة 37 في المائة.
ويأتي لجوء المغرب إلى البرازيل في وقتٍ أضحت فيه معالم التقارب واضحة بين البلدين على المستوى الزراعي، إذ قبل شهر أعلنت الحكومة البرازيلية أنها أوفدت وزير الفلاحة والثروة الحيوانية، ماركوس مونتيس، إلى المغرب من أجل العمل على تفادي أزمة الأسمدة المتوقعة دوليا بعد أن فرض المنتظم الدولي عقوبات مشددة على صادرات الأسمدة القادمة من روسيا وبيلاروسيا بسبب الحرب على أوكرانيا، وقد وصف الوزير البرازيلي الأمر بأنه يدخل في إطار "دبلوماسية الأسمدة".
وبالفعل، فإن الزيادة التي قام بها مونتيس إلى المغرب رفقة رجال أعمال ينتمون للقطاع الفلاحي، شهدت لقاءً بينه بين الرئيس المدير العام للمكتب الشريف للفوسفات، مصطفى التراب، والذي انتهى بإعلان دخول المغرب مجال الاستثمار في الأسمدة على الأراضي البرازيلية من خلال إنشاء مصنع بمدينة ساو لويس بولاية مارانهو، مخصص لإنتاج أعلاف الحيوانات، والذي يدخل في إطار خطط الفلاحة الوطنية في البرازيل، علما أن الزيادة شهدت أيضا اتفاقا على جلب مزيد من الأسمدة المغربية في إطار الأزمة الحالية.
وكان أولافيو تاكيناكا رئيس شركة OCP للأسمدة في البرازيل، قد أكد أن هذا المصنع سيكون الأول من نوعه على الأراضي البرازيلية، وفيه سيجري تصنيع المنتجات من صخور الفوسفات المستورد من المغرب، مبرزا أنه أصبح قيد التنفيذ حاليا، إذ خصصت له قطعة أرض تبعد ستة كيلومترات عن ميناء "إيتاكي"، ويجري الانتهاء من المشروع الهندسي للموافقة عليه من قبل السلطات.